عشية عيد النصر، أُعلن عن وضع مجسّمات لعدد من زعماء ثورة التحرير، تخليدا لمآثرهم وترسيخا لثقافة الوفاء… من بين الأسماء الكبيرة التي أدرجت في هذه العملية، إلى جانب بن مهيدي وأودان، كريم بلقاسم الذي اختير له ساحة على مستوى الشارع الذي يحمل اسمه بالجزار الوسطى.
وأنا أعبر الشارع قبل أيام وجدت فريق عمال منكبين على إنجاز أرضية المجسم الموعود وهنأتهم على المساهمة في إنجاز مشروع متواضع لأسماء كبيرة في الذاكرة. لكن مرّ اليوم المرتقب ولم يتحقق الموعود، لتبقى الساحة التي تستحق أفضل حلّة على حالها، مع سؤال استفهام كبير عما جرى، هل أُلغي المشروع، من وراء ذلك، ولماذا لم تبلّغ الجهة المسؤولة الرأي العام؟.
عندما نتكلم عن أمثال أولئك القادة الذين أعطوا درسا أزليا في الوطنية وحب الجزائر وشعبها، ينبغي إدراك أهمية المسؤولية وبالتالي التعامل مع مبادرات تكريمية نوعية بكثير من الجدية والإتقان، وذلك إنصافا لجيل الشهداء الذين وهبوا كل ما لديهم لكسر السلسلة الاستدمارية.
ليست المسألة مجرد عملية لتجميل شارع أو تزيين ساحة، إنما هي أكبر من ذلك بكثير، تتعلق بشخصيات صنعوا الحدث، وأي حدث، في حياتهم وقد أبلوا البلاء الحسن، لذلك تتطلب الدقة والجدية والالتزام، خاصة ونحن في زمن رد الاعتبار للذاكرة التي تستحق صحوة الضمائر استجابة لرسالة الشهداء.
الشيء الجميل في أولئك، إلى جانب تبوّئهم قيادة الثورة ضد الاحتلال الفرنسي وتجسيد لوحة رائعة لأعلى معاني الوحدة، رغم خلافات وصراعات، أنهم كانوا يجيدون معالجة مشاكلهم بإبقائها بعيدا عن الشعب، طالما ان المصلحة الوطنية في الجوهر، وهي القيمة المثلى التي ينبغي إبرازها ضمن التراث النضالي العابر للأجيال لتستمر المناعة ضد النسيان.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.