من حسنات الحراك الشعبي في الجزائر، وهي كثيرة، أنه أشاع الدفاع عن الرأي بسلمية كبيرة جدا ومبهرة للعدو قبل الصديق.
لم يعُد المواطن، الذي كان يحتج بعنف، ويرد على سامعه بألفاظ عنيفة، ويستخدم يديه في التعبير عن ما يريد قوله، ولا يخرج إلا بصعوبة من فمه، بطريقة فيها تلميح للعنف.. يميل الى «الطريقة التقليدية» في التعبير عن غضبه أو مطالبته بأمر ما.
أصبح هذا المواطن أكثر إقبالا وميلا للتعبير عمّا يريده، في حينه، وبطريقة سلسة، مأخوذة من جمعات الحراك، التي نمّت روح التضامن، والأخوة، والتعاضد، وأرواح أخرى كادت تنسحب من الصورة العامة لبلاد الأمير عبد القادر، ومن خلفوه في المقامة الشعبية والثورية.
الحراك نفسه زرع في بعض السياسيين سلمية الدفاع عن الرأي في الشارع، لا في البلاطوهات التلفزية، والبيانات المُحبّرة، التي كانت تصدُر، ولا تسمح بالنقاش، وتبادل الآراء، إن لم نقل إنها كانت تُغلق باب الحوار، وسماع صوت ورأي الآخر وكان الخطاب في اتجاه واحد، بالنسبة لهذه الفئة ممن تخاطب الشعب بالبيانات… فقط.
والحراك نفسه طوى مساحة كبيرة من «الأبوية السياسية»، التي كانت منقوشة في أذهان قدّمت الإيديولوجيا على مصالح البلاد، وكان ما كان من هذا التوجه الذي عرّض البلاد إلى أزمات متعددة الأوجه.
وهي أبوية سياسية سبّقت التموقع والمصالح الذاتية والآنية ورعتها، على «دعه يعمل دعه يمر»، وأقصت من كانت بأيديهم حلول لمعضلات مطروحة في التنمية، في وقت من الأوقات…
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.