أسأل نفسي في الغالب عن ما «تطبُخُه» التكنولوجيا ووسائطها الاجتماعية في رؤوس من ليس لديهم مناعة فكرية ودينية وسياسية، إن صح تعبير، في قضايا الأمة وقضايا حساسة.
في غياب مراكز بحث وتحليل وتعليل وتفسير تأثير التكنولوجيا والوسائط الاجتماعية، التي أسكتت أولى محاولات التأسيس للحكومات الإلكترونية، ووضعتها على الرف، ونفخت الروح في جماعات الضغط بشكل غير مسبوق، لم يكن يحلُم به الضالعون في نصب فخاخ «ليونس كلوب» وما جاوره من نواد ظاهرها إنساني، وباطنها «الله أعلم»..
صحيح أن التكنولوجيا رحمةٌ في كثير من جوانبها الظاهرة والمفيدة، من تسهيل التعليم والعمل عن بُعد، والسفر الافتراضي الجمالي، والمطالعة المفتوحة على المكتبات الإفتراضية، وإتاحة معاجم وكتب بصيغة «بيدياف».
لكنها ليست بالبراءة التي تظهرُ عليها، ما دامت رهينة تكتلات دولية جديدة، انتقلت من الواقع ألى عالم الرقميات، ومع هذا الانتقال توسعت نشاطات هذه التكتلات، التي تشتري أي شركة رقمية تُظهر تقدما في ابتلاع جزء من الشبكة العنكبوتية، والتحكم فيه، وفي جيوش البشر، الذين حوّلتهم رقمنة الحالة المدنية والبنوك ومجالات أخرى، إلى أرقام، سهلٌ البحث عن أصحابها، وسط أمواج المعلومات المتلاطمة في فايسبوك وتويتر وانستغرام، وفي الإيمايلات ومنصات أخرى يسافر فيها المتعلم، ومن لا يفقه شيئا في تكنولوجيا «أنا هنا أراقبك وأتحكم فيك»!!
وعلى ذكر الرقابة والرقابة المضادة، ءو الحرب الباردة الجديدة، التي تدور أمام عينيك، وأنت تنقُر على أزرار «جام» و»متضامن» وغيرها، يؤكدها الصراع الأمريكي الصيني حيال «تيكتوك»، ورفض الصين دخول «غوغل» الأمريكي فضائها الانترناتي والجغرافي، وأشياء أخرى تجري تحت طاولة «من يتحكم في التكنولوجيا»، يتحكم في مصائر كثيرة، وفي الاقتصاد الرقمي، الذي أبان عن ثروات كبيرة تتناطح عليها القوى الكبرى، ليس بالمعنى التقليدي لتعبير «القوى الكبرى»، بل بالمعنى الذي يتيح للهند تهديد مصالح بلاد «سيليكون فالي»، ويسمح لماليزيا بتحجيم باريس تكنولوجيا بما تصنعه عقولها، التي آمنت بالمدن والجامعات الذكية وعملت على بلوغها، أيام كانت فرنسا تتبجح بقوتها الاقتصادية، النابعة من نهب خيرات مستعمرات إفريقية سابقة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.