حرية التعبير معركة يومية بقدر ما تحتاج إلى تأطير قانوني ملائم، بقدر ما تستوجب التزام قواعد احترافية تسمح بتجاوز «عوائق» من هنا ومتاريس من «هناك»، ليتحقق للمواطن أحد أبرز المبادئ المكرسة في الدستور، هو الحق في الإعلام.
رصد المشهد الحالي للإعلام، يشير إلى تسجيل مكاسب نتيجة تراكمات مسار نضالي طويل دفعت خلاله أسرة الصحافة الجزائرية في التسعينات بالأخص ثمنا باهظا، كانت الكلمة مستهدفة في كل وقت من الجماعات الإرهابية التي أزهقت أرواح زميلات وزملاء لم يسرقوا خيرات الوطن وتمسكوا بقيمة الدفاع عن المواطن وكرامته وحريته في مواجهة مشاريع هدامة عقيدتها الانتقام والأحقاد.
المناعة الإعلامية مسألة حساسة تقتضي مرافقة وتدعيما من السلطات العمومية لكل ما هو جاد وموضوعي، تبرز فيه المصلحة الوطنية عنوانا لهوية صحافة لا مجال فيها للابتززا أو تزييف الحقائق أو المتاجرة بمشاكل الناس والوطن.
في هذا الإطار لم يعد من مجال للزبائنية والسمسرة، في وقت يؤكد فيه القرار السياسي على أعلى مستوى أن التوجه إلى تكريس حرية الصحافة مسألة جوهرية ودعامة للبناء الوطني الجديد.
المهمة ليست سهلة أو محسومة، طالما أن هناك مراكز تقاوم التغيير وتتمترسُ وراء مفاهيم وممارسات أصبحت من الماضي لم تعد تنتج المطلوب، أمام ثورة شاملة في الإعلام اجتاحت العالم مبكرا، زادت من زخمها التكنولوجيات الجديدة، ما يستدعي تجميع القوى الإعلامية الوطنية حول خيار الدفاع عن القرار الوطني وإجادة ترتيب الأولويات حفاظا على انسجام المجتمع وتلاحم صفوفه في مواجهة عولمة لا يهدأ لها بال في استهداف الدولة الوطنية عبر المعمورة عن طريق مشاريع براقة لكنها ملغّمة، ثمن تجاهلها مكلف.
نعم يجب التقدم دوما على درب حرية الصحافة، لكن بعيدا عن السقوط في مطبّات لا علاقة لها بالحرية، بقدر ما تؤول قيمتها النبيلة وقوتها «الفتاكة» خارج نطاق المفهوم الصحيح، ما يفرض الرفع من الأداء وتعميق المقاربات بتجاوز ظاهر الخبر إلى خلفياته حتى يتبين للرأي العام المشهد واضحا، فتبقى سوى المعلومة الموثوقة صمام أمان الأمن الإعلامي، بعيدا عن نفوذ الإدارة وجماعات المصالح وقوى الجمود.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.