وضع الفيروس المتحوّر العالم مرّة أخرى على حافة الخطر، خاصة بعد أن دفع بانهيار مقاومته من طرف بعض البلدان، مُفضيا إلى موجة من الغموض والالتباس على مستوى مخابر البحث الطبّية، التي مازالت تصارع الزمن والوباء، لتثبت كفاءتها وتنقذ سمعتها العلمية التي باتت على المحك.. وسط قلق بشري مريب وضغط نفسي يلوّح في كل الاتجاهات، وكله يتقاطع نحو سؤال واحد من دون إجابة..ما هو موعد السيطرة؟.. أو بمعنى.. متى تنتهي الحرب على الوباء وتسقط قيود الحظر بشكل تلقائي؟
كبح انتشار العدوى بات الهاجس الأكبر لدى الدول المتطوّرة التي انطلقت منها سهام عدوى الفيروس القاتلة والموبوءة نحو العالم النامي، عبر حتمية اكتشاف اللّقاح «المنقذ»، فالهند وحدها عصفت بها موجة ثانية شديدة القسوة، زلزلت منظومتها الصّحية، رغم أنه يعرف عن هذا البلد الذي يضّم ما لا يقل عن 1.3 مليار نسمة، أنه مركز لأكبر مخبر لتصنيع اللّقاحات، ولكن حاليا الهند تجابه بكل قوّتها لوقف الانتشار بعد أن أصيب 20 مليون من سكانها، ومازالت دائرة الوباء تهدّد بالتهام الأخضر واليابس وترعب رهانات عودة عجلة الإنتاج وتصحيح مؤشرات النمو التي عانت كثيرا، خلال عام 2020.
نفذ صبر العالم، خلال الموجة الأولى، وسرعان ما تفاجأ بموجة ثانية أكثر جنونا بالنسبة لعدة بلدان تكابد حاليا في حرب صامتة «لعبة الفيروس»، وتفكر فيما بعد هذه الموجة، إن كانت تخفي تهديدات أخرى تجعل من العام المقبل سنة سوداء من حيث الإصابات والضحايا وبيضاء بالنسبة لنمو الاقتصاد، بسبب مخاوف عودة إغلاق آلة الاقتصاد وتجميد الطيران ووقف النشاطات السياحية والخدماتية.
ولا تكفي التصريحات والخطابات لبث الارتياح والاطمئنان، لأن اللّقاح وحده من يعيد الحياة إلى طبيعتها ويكرّس الثقة مجددا للانطلاق نحو الحياة الطبيعية.
منحت دول الاتحاد الأوروبي، مؤخرا، الضوء الأخضر بدخول الأجانب لأراضيها، لكن شرط تلّقيهم الجرعة الكاملة للقاح، وكأنها بذلك تطبّق خطة ضمنية، تهيئ مسبقا الأجواء لانفتاح وشيك نحو النشاط الطبيعي والتحرّك البشري المنتظم، فهل تستمد الثقة من قوّة اللّقاح أم من اقتراب، نهاية الفيروس؟.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.