تتجدد مطالب الشعب التونسي بضرورة الحسم في مشروع قانون تجريم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تشهد فيه مدن وأحياء تونس مظاهرات ومسيرات تضامنية مع الفلسطينيين.
أظهر التونسيون تعاطفا شعبيا كبيرا مع إخوانهم الفلسطينيين، وتغلبوا على نظرائهم العرب في مؤازرة الشعب الذي يقصف ليلا ونهارا في قطاع غزة، ويطرد من بيته ويشرد في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة.
ومنذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على القدس المحتلة ثم قطاع غزة، تزايدت في ربوع تونس التحركات الداعمة للفلسطينيين، بمشاركة أطياف المجتمع، المواطن العادي والناشط الحقوقي والسياسي والنقابي.
ويتفق التونسيون على إدانة الغطرسة الإسرائيلية وسياسة التقتيل التي تمارس بحق المدنيين ألأبرياء، إضافة إلى سياسة التهويد التي تطال المسجد الأقصى.
“كيف نشفى من حب تونس..”
قد عبر الرئيس التونسي، قيس السعيد بنفسه في أكثر من مناسبة عن دعم بلاده للقضية الفلسطينية، وجدد هذا الموقف في حوار أجرته معه قناة “فرانس 24” الفرنسية وبثته أمس الأربعاء.
ووصف الرئيس إنكار الحق الفلسطيني بـ “الخيانة العظمى”، وشدد على ضرورة أن يضع مجلس الأمن الدولي حدا للعدوان الإسرائيلي على الأراضي المحتلة.
تحتل القضية الفلسطينية مكانة خاصة في قلوب الشعب التونسي. وقد تغنى الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بالعلاقة الوجدانية بين التونسيين والفلسطينيين، حيث كتب قصيدة شعرية يقول مطلعها: كيف نشفى من حب تونس الذي فينا مجرى النفس..
واحتضنت تونس عام 1982 منظمة التحرير الفلسطينية بعد خروجها من لبنان.
ويحتفظ التونسيون في ذاكرتهم بمشاهد سيئة عن الاحتلال الإسرائيلي، ليس بسبب جرائمه ضد الفلسطينيين فحسب، بل أيضا لانتهاكه حرمة بلادهم، حيث قصف مقر منظمة التحرير الفلسطينية عام 1985 في تونس، وفوق أرضها أيضا اغتيال القيادي الفلسطيني، خليل الوزير عام 1988.
“تجريم التطبيع”
في ضوء الجرائم الفظيعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، تتجدد مطالب المتظاهرين والمحتجين في تونس بضرورة تجريم التطبيع مع المحتل الإسرائيلي.
وفي مسيرة احتجاجية نظمت أمس في العاصمة التونسية، طالب المشاركون بسن قانون لتجريم التطبيع.
وجاءت المسيرة بدعوة من أحزاب ومنظمات، من بينها ” الاتحاد العام التونسي للشغل”، و”النقابة الوطنية للصحفيين”، “رابطة الكتاب التونسيين”، و”الحملة التونسية لمقاومة التطبيع”.
وأعلنت هذه الأحزاب والمنظمات في وقت سابق عن تنظيم سلسلة من التحركات الميدانية لدعم المقاومة والفلسطينية، كما دعت إلى تأسيس تنسيقية وطنية لدعم المقاومة الفلسطينية ومقاومة التطبيع.
وفي بيان أصدرته قبل أيام ونشرته على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، دعت “اللحملة التونسية لمقاومة التطبيع” المواطنين إلى الإمضاء على عريضة شعبية من أجل فرض سنّ قانون تجريم التطبيع.
سمير ديلو(كتلة النهضة): المصادقة على مقترح قانون تجريم التطبيع قبل نهاية الدورة البرلمانية 2020-2021 يعتبر ضرورة وواجبا
— مجلس نوّاب الشعب – تونس 🇹🇳 (@ARPtn) May 18, 2021
وأبلغ الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري وسائل إعلام محلية أن المطالبة بسن قانون لتجريم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي تعكس دعم الشعب التونسي لنظيره الفلسطيني.
وأشار النقابي إلى أن المسيرة ستليها خطوات أخرى على غرار توفير الدعم المادي للفلسطينيين، بالتنسيق مع النقابات العمالية الفلسطينية.
ومن جهته، طالب النائب في البرلمان عن الكتلة الديمقراطية المعارضة، هيكل المكي، البرلمان باستعجال الحسم في “مشروع قانون تجريم التطبيع،” واعتبر أن ذلك سيشكل الرد والموقف الشعبي الرسمي على الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين.
مقترحات
وكان البرلمان التونسي قد تسلم ثلاث مقترحات لتجريم التطبيع، يعود أولها إلى عام 2012، خلال فترة المجلس الوطني التأسيسي الذي أقر الدستور، والثاني تقدمت به “الجبهة الشعبية” عام 2015.
أما المقترح الثالث فتقدم به تحالف “الكتلة الديمقراطية” التي تضم “حركة الشعب” و”التيار الديمقراطي”.
ويثير”مشروع قانون تجريم التطبيع” الجدل بين القوى السياسية في تونس، فهناك من يرى أن تمريره مسألة مبدئية غير قابلة للمساومة، وبين من يرغب في التريث.
ويتهم المؤيدون لسن المشروع حركة النهضة ، وهي الحزب الأكثر تمثيلا في مجلس النواب بـ 54 نائبا، إلى عرقلة تمرير المشروع، لكنها تنفي ذلك.
وأعلنت النهضة على لسان رئيس كتلتها، عماد الخميري أمس عن دعمها لأي مبادرة تشريعية تنص على تجريم التطبيع، مشيرة إلى أن تونس من بين الدول القلائل في المنطقة التي ترفض التطبيع.