لم يكن فيلما هوليوديا للرعب، ولم تتجاوز مدته الدقيقتين، ومع ذلك لم يستطع أصحاب «القلوب الضعيفة» تحمّل بشاعته وتوّقف كثير منهم عند نصف الدقيقة الأولى من «عرضه» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
هي معركة كرّ وفرّ بين عصابتي أحياء على ما يبدو، استعملت فيها السيوف والسيارات للمطاردة والدهس، ولا نعلم عدد ضحاياها، بسبب التصوير غير المحترف، لكن صاحبه تمكّن من نقل صورة واضحة تماما عمّا يجري في شوارع بعض مدن وقرى «الجزائر العميقة».
لم يكن البعض يصدّق ما رأته عيناه، واعتقد أن الأمر يتعلق بـ»فيلم» قديم مأخوذ من مجتمع آخر، لكن الجميع تأكد أنه «فيلم» رعب جزائري، غير صالح للعرض في قاعات السينما ولا يمكن لأصحابه إلا المنافسة على قوائم أخطر العصابات.
كان يمكن أن يغيب التصوير بالهاتف النقال وتمرّ الجريمة مثلما مرّ غيرها من جرائم الأحياء، التي تكرّرت إلى درجة أصبح أصحابها يتفنّـنون في إرهاب الناس وكأنّ البلاد تعيش خارج كل القوانين المدنية والأخلاقية.
كان يمكن أن تختفي تلك الجريمة وغيرها لو عولجت الأسباب الحقيقية لتفشيها، وقد يقول قائل إن تطبيق قانون مكافحة جرائم الأحياء وحده كاف لتطهير المدن من تلك العصابات، ولو كان ذلك المنطق صحيحا لكان تطبيق قانون العقوبات وحده كافيا لذلك.
لكن المشكلة أعمق بكثير من «شكلية» القوانين، مهما كانت شدة العقوبات التي تتضمنها وصرامة تطبيقها، فالمجرم الذي يقضي عقوبته وهو «متشوّق» للعودة إلى حياة الإجرام، لا تنفع معه أية عقوبة على ما يبدو..
إنها أزمة اجتماعية عميقة، تحتاج إلى نقاش معمّق للإحاطة بأسبابها، وفي انتظار ذلك نقول مع الشاعر: «إذا أصيب القوم في أخلاقهم، فأقم لهم مأتما وعويلا».
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.