الأرقام والإحصائيات التي قدمتها وزارتا التجارة والمالية والمتعلقة بصادرات الجزائر خارج قطاع المحروقات للسداسي الأول من سنة 2021 تحفز على الأمل، كون مسألة إيجاد بدائل اقتصادية مستقلة عن ريع المحروقات أمر ممكن وقابل للتحقيق على الأمدين القصير والمتوسط. هذا الريع الذي رهن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر لعقود طويلة، لاسيما خلال فترة تراجع أسعاره في الأسواق الدولية.
فقد قدرت قيمة الصادرات غير النفطية للنصف الأول من هذه السنة بـ(2) ملياري دولار، حيث ارتفعت بنسبة 95 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، إذ لم تتجاوز 1,06 مليار دولار.
تقليص فاتورة الواردات في السنوات الأخيرة، لاسيما خلال سنتي 2020 و2021، ساهم أيضا في تقليص عجز الميزان التجاري بنسبة 72٪، ذلك العجز الذي بلغ مستويات قياسية سنة 2016 حينما وصل إلى 17 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز الجزائر هذا العجز بشكل نهائي سنة 2022 في حالة ما بقيت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية ومواصلة انتعاش صادرات الفروع الاقتصادية الإنتاجية خارج قطاع المحروقات وضبط الواردات.
كما أن مستوى احتياطي الصرف اتخذ خلال شهر ماي المنصرم اتجاهًا تصاعديًا، وهو وضع «غير مسبوق» لم تعرفه الجزائر منذ سنوات، حيث تهاوى احتياطي الصرف من 200 مليار دولار سنة 2014 ليستقر حاليا عند حدود 44 مليار دولار، والمرجح أن يستمر عند هذه المستويات في ظل المؤشرات الإيجابية الحالية للاقتصاد الوطني، مع التزام اليقظة وفقا لرؤية استباقية تقي شر أي صدمة مفاجئة.
أرقام قد يراها البعض بسيطة، لكنها تعكس القدرة على بناء اقتصاد مستقر ومستقل نسبيا عن المحروقات، خصوصا بعد التوقعات التشاؤمية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في سنوات سابقة والتي تكهنت بنفاد الاحتياطي المالي للجزائر مع مطلع 2022، وهذا يعكس من جهة أخرى الإرادة السياسية الساعية للنهوض بالاقتصاد ودعم الإنتاج المحلي، خاصة قطاعي الفلاحة والصناعة، حيث القيمة المضافة تصنع الفارق.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.