تعود الهجمات الإرهابية مستهدفة العسكريين والمدنيين على حدّ سواء في منطقة الساحل والصحراء بعد هدوء نسبي شهدته دول المنطقة على إثر تحرّك سلطات البلدان المعنية، بعد موجة تغيير اجتاحتها نتيجة لإرادة الشعوب في التغيير وإنهاء الانقسام والصراع السياسي على السلطة والثروة على غرار ما حدث في دولة مالي،
تثير عودة الهجمات الإرهابية وتوقيتها بمنطقة الساحل والصحراء تساؤلات عديدة عن جدوى خطة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الساحل الإفريقي والميزانية الضخمة التي توجّه لقوات حفظ السلام غير المرحب بها حسب استطلاعات رأي غير حكومية سابقة أجريت على سكان المنطقة، فضلا عن خطط التنمية الدولية برعاية دول غربية وعلى رأسها فرنسا تكشف مدى فشل هذه الخطط أمام تصاعد العنف الوحشي ضد المدنيين وأثره على الانتقال السياسي في كل من دولتي تشاد ومالي،
المثير للشكوك في تورّط قوى دولية فيما يحدث بمنطقة الساحل يبدو واضحا ويتطلب ردا سياسيا وكشفا إعلاميا، فبالنظر لتوقيت الهجمات الإرهابية، التي تتزامن مع كل خطوة تخطوها السلطات الانتقالية في مالي لمواكبة الإرادة الشعبية للخروج من عنق الزجاجة إثر انقلابين عسكريين شهدتهما البلاد في ظرف قصير، تعود الهجمات الإرهابية وتحركات الدمويين للتشويش على المرحلة الانتقالية الذين يبدو أن قادتها عازمون على الخروج منها وفق ما هو مخطط بحلول العام المقبل وفق آخر تصريح للوزير الأول المالي شوغيل كوكالا مايغا،
تهديد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل يزداد تفاقما وتعقيدا، ويتغير شكله وأهدافه ووسائله باستمرار، وهو ما يستدعي التنسيق مع الفاعلين الدوليين ذوي النوايا الحسنة، من أجل إحداث شراكات أكثر فاعلية على مستوى القدرات والاستراتيجيات تعكس الحقائق على أرض الواقع،
فتعزيز التعاون الإقليمي، والمساعدة الدولية الصادقة،حاجة ماسة لمكافحة فعالة للإرهاب والتطرّف، والاتجار بالسلاح، وغسيل الأموال، فمنطقة الساحل اليوم في مفترق طرق، بفعل تصاعد التطرف «الديني» والإرهابي، يمكن تجاوزها بمجرد إرساء عمل مشترك من أجل بناء فضاء يسوده حقيقة الاستقرار والسلام،
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.