هي جريمة متكاملة الأركان تؤسس لثقافة التدمير في أبشع صورها، فبتوفر الركن المعنوي والمادي لم يبق سوى البحث عن فاعلها الذي يتقن فن «زراعة» النار، حتى كاد لا يفرق بين ما يجب حرقه وما يجب إبعاده عن ألسنتها، ولن يكون مهما معرفة إن كان الفاعل نفسه، فبين «فلان» و»علان» شراكة معلنة في حرق «الحياة»، أينما كانت ووجدت، فالمهم في الفاعل مهما تعددت اسماؤه انه يشعل عود ثقاب أو ولاعة لتخويف الثابتين على وطنيتهم بدروس تطبيقية في المعنى الحقيقي للخيانة.
مرة أخرى «توقد» النار لتلتهم في شره كبير غاباتنا المترامية عبر جبال جرجرة، لترسم صور ألسنتها الملتهبة بتيزي وزو وفرندة بتيارت وجيجل وبجاية قوة الشر في أقوى تجلياتها، فعندما تفشل الدسائس والمؤامرات في تحقيق الغاية، تصبح سياسة الأرض المحروقة الحل لمحاولة كسر إرادة شعب رفض الخنوع والخضوع لأهداف ترسمها مخططات توضع في جنح ظلام دامس.
النار سلاح فتاك ان وجد بين أيدي من لهم «ثمن» في سوق الخيانة والغدر، وكما كان بنو جلدتهم وان لم تكن بينهم صلة دم تبقى الخيانة صلة قوية للتقريب بينهم، فأولئك باعوا الوطن للمحتل ضد ثورة تحريرية وهؤلاء باعوا الوطن ضد صمود الجزائر ضد حركة عالمية لاستعباد الشعوب لخدمة مصالحها الخاصة.
حوّل الفعل الاجرامي النار الى وسيلة للتعبير عن كره دفين تتقد ناره في كل مرة تتحد فيه الجزائر بكل أطيافها من أجل حرب «البقاء» دولة ذات سيادة وهوية مستقلة عن تلك التي اختارت الخنوع والخضوع دون قيد أو شرط، وبالرغم من قوّة النار وشدة لهيبها، إلا أنها أفضت الى نتائج عكسية، لأنها صنعت صورا أخرى من تضامن الشعب وتآزره من أجل الوطن وإنقاذ ثرواته الطبيعية والإنسانية، ليطيح مرة أخرى بالدسائس الخبيثة التي لا تقبل بوحدة الوطن، فبعد خطة «تقرير المصير» لجأوا الى النار لتحقيق ما فشلت فيه الحرب السبرانية وسياسات المغالطة والكذب.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.