جسد جزائريون، من مناطق مختلفة، ودون تحضير مسبق، وباندفاع وطني منقطع النظير، أسمى معاني التضامن، في حملات جمع مساعدات لمتضرري الحرائق المجنونة، التي اندلعت في 16 ولاية دفعة واحدة..
بعد الهبة التضامنية الكبيرة لشراء وتوزيع مولدات ومكثفات أوكسجين، هرع جزائريون بشكل آلي لجمع مساعدات وإرسالها إلى ولاية تيزي وزو وولايات أخرى، متضررة من الحرائق منذ يوم الاثنين.
أول حملات التضامن وضعت “تيزي وزو تحترق” شعارا لها وانطلقت في اتجاه المدينة التي تبعد 100 كيلومتر عن عاصمة البلاد، وديدنها “اليد في اليد”.
كل فئات المجتمع اشتغلت في أماكن متفرقة من البلاد، على مد يد العون، بالمساعدات، أو المشاركة في إطفاء النيران.
وفي صور، نادرا ما يصادفها المواطنون، تشكلت أسمى أنواع التضامن، وفتحت عائلات بيوتها لإيواء الهاربين من جحيم حرارة تفوق 70 درجة على سلم فهرنهايت، في محيط الغابات الكثيفة والمشتعلة من يومين، أو من احترقت منازلهم..
وفي جوار هذا التضامن، هناك من تجاوز البروتوكول الصحي، ليس تعديا عليه، ولكن حبا في المساعدة، في حالة الطوارئ، وفتح ابواب قاعات حفلات وفنادق لإيواء المحترقين مرتين: مرة بسبب نيران لا تفرق بين الحيوان الإنسان، ومرة بسبب فقدان عزيز أو صاحب، أو أكثر من ذلك، إذا كانت المأساة بحجم فقدان أم وابنتيها اللواتي وجدت محترقات ومتلاصقات في الأربعاء ناث إيراتن..
في الساعات التي كان فيها الدخان يتصاعد إيذانا بمزيد من الإشتعال وإلهاب الجو بحرارة أقسى، مما تزرعه مصالح الأرصاد الجوية في نشرتها الطقسية، لم يتوانى رواد في منصات التواصل الاجتماعي، عن تكثيف نداءات جمع تبرعات، والبحث عن محسنين ومتضامنين في صفحات توالد فيها حب فعل الخير حتى صارت تتقاسم نفسم المعلومات والاخبار والنداءات، وتعاظمت صورة من يريدون بث الحياة في محيط تيزي وزو، وولايات أخرى كثيرة، سقط فيها جرحى وصرعى بفعل ملوثات الجو وعلى راسها ثاني أكسيد الكربون..
تتضمن المساعدات المُجمعة مياه معندية، مواد غذائية، أفرشة، أدوية وكل ما يحتاجه المتضررون من الحرائق، والعائلات الباحثة عن مأوى، أو تلك التي وجدت نفسها مشتتة بين أقارب وجيران وفنادق وقاعات حفلات..
في تلك الأثناء، تجندت جمعيات شبانية، وعدد من المتقاعدين، الذين تحركت فيهم نوايا التضامن بسرعة تفوق بكثير بطء خطواتهم المتثاقلة، وممرضين لتقديم مساعدات وجمع أدوية ومعدات طبية من كمادات معقمات ومضادات حروق وغيرها.
نُظمت قوافل تضامنية تحمل مساعدات من ولايات عديدة تتوجه إلى ولاية تيزي وزو وولايات أخرى متضررة.
وانطلقت قافلة تضامنية صباح اليوم الأربعاء، من عاصمة الحضنة المسيلة، إلى ولاية تيزي وزو، تحمل مواد الغدائية، وأفرشة وأغطية، وضروريات يحتاجها ضحايا الحرائق.
ونظم مواطنو ولاية بومرداس، بالتنسيق مع المصالح الولائية قافلة تضامنية تحمل خيم، صهاريج المياه، مواد غذائية ومستلزمات طبية، وستتبع هذه القافلة قوافل أخرى تضامنا مع الأهالي بولاية تيزي وزو إلى غاية التحكم التام والقضاء على النيران.