الأحداث الخطيرة التي شهدتها بلادنا في الأيام الأخيرة، تستدعي المسارعة إلى اتّخاذ إجراءات عميقة، والعمل على معالجة الوضع، وتفكيك كل ما تراكم من أزمات، من أجل قطع كل السّبل على أيّ محاولة للمساس بالوطن..
ولسنا نرى حاجة في التّحليل، فهذا قام بواجبه (الفسابكة) الافتراضيّون والواقعيّون معا!!، فقد تولى هؤلاء – كما هي عادتهم – أدوار القضاة والمحققين والمحللين السّياسيين، ونبغ فيهم (المحقق كونان)، والصّحفية (ساندي بل)، والمصلح (أبو عرّيفو)، وأمعنوا جميعا في ترتيب المعطيات، وتفتيت الإشكاليات، وتحليل الوقائع، (بارك الله في الزّنود القوية)!!..
لا حاجة للتحليل إذن، وإنّما الحاجة ماسّة إلى (النّدم) على ما سبق من تفريط في حق العلوم الإنسانية، والحاجة ماسّة إلى (عضّ الأنامل) على إخماد أصوات النّخب الفاعلة، وتمرير النّخب المغشوشة، والحاجة ماسّة إلى المصادقة على الندم وعضّ الأنامل معا، من أجل العمل وفق مناهج علمية واضحة، بعيدا عن عقلية (البن عمّيس) والمحسوبيات الصغيرة والمصالح الضّيّقة، وبعيدا عن الشّعبويات التي لم تقتل ذبابة..
إن (الفسْبُوك) الذي لعب دور القاضي، ومثله الذي لعب دور المحقّق، إنّما يمثّلان نموذجين واضحين عن التّدني الأخلاقي الذي بلغته المنظومة الاجتماعيّة في غياب علماء الاجتماع، وهما نموذجان عن التّدني الثقافي الذي غاب عنه الأديب والفنان، وهما نموذجان عن أزمات نفسيّة، وأمراض عاطفية، وركام من العقد يمتزج فيها (الفخر بالانتماء) بنوع من الفجور في المعاملة، وهذا كلّه يبدو نتيجة طبيعيّة للتّدني الذي تعيشه المنظومة الثّقافية، والانهيار الذي تشهده المنظومة التّربويّة، والتّسيّب الذي طغى على المنظومة الاجتماعية، وهو ما أنتج – في الأخير – شكلا هجينا غير مسبوق في التاريخ، يعتمد على أدوات حضارة الاتصال، كي يوطّد لـ»حكم الذّر».. وهذا كله ينبغي أن يعالج وفق مناهج العلوم، قبل بلوغ مرحلة: لا ينفع النّدم..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.