ارتفعت أسعار الحديد في الجزائر في الأسابيع القليلة الماضية بشكل مطرد، ما شكل صدمة للكثيرين، سواء مؤسسات أو أفراد، خاصة والحديد يعد مادة حيوية وارتفاع أسعاره يؤدي الى ارتفاع تكاليف البناء وبالتالي غلاء العقارات، ما يجعل من امتلاك مسكن خاص يبقى حلما صعب المنال.
ما يلفت الانتباه ليس قضية السعر في حد ذاتها بل التأويلات التي صاحبت ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحديدا بعد إعلان مصنع بلارة بجيجل عن بداية تصديره كميات لا بأس بها نحو الخارج، والتأويلات في معظمها تبنت نظرية المؤامرة، ولا يستبعد ان يكون الامر بفعل فاعل لإحداث بلبلة.
لكن محاربة الاخبار الزائفة والشائعات عمل لا يقع على عاتق وسائل الإعلام فقط، في حين يتطلب الأمر توفر حد أدنى من ثقافة تحرّي الحقائق عند الناس مع سهولة الوصول الى المعلومة في عصر الانترنت، فمثلا يعود سبب ارتفاع أسعار الحديد في الجزائر إلى عوامل خارجية بالأساس، أهمها ارتفاع الطلب في دول بعينها، مثل الصين ودول الاتحاد الأوروبي والهند واليابان، وبعضها الآخر ارتبط بشح المواد الخام نتيجة جائحة كورونا وانهيار منجم في البرازيل التي تعد من أكبر الدول المنتجة لخام الحديد، إلى جانب دولة أستراليا التي تعرضت إلى موسم فيضانات في الربع الأخير من عام 2020 أثرت على سلاسل الإنتاج.
علما أن سعر خام الحديد سجل متوسطاً سعرياً في ماي 2021، تجاوز 225 دولاراً لواحد طن مقابل متوسط سعر بلغ 87 دولاراً في ذات الشهر من 2020، أي أن الارتفاع قدر بـ 172 ٪، وهو يتوافق مع الزيادة على المستوى المحلي في سعر القنطار من الحديد.
وبما أن مصانع الحديد الجديدة في الجزائر سواء بلارة بجيجل أو توسيالي بوهران تعتمد على خام الحديد المستورد من الخارج فسعر خام الحديد في الأسواق الدولية من يحدد السعر النهائي محليا، وامكانية دعمه حاليا أمر غير مطروح خاصة وأن المصانع المنتجة لها شركاء أجانب، وتخفيض السعر غير متاح إلا بعد دخول منجم غار جبيلات الخدمة وهذا لن يحدث قبل 3 سنوات على أقل تقدير.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.