بعد الزيارة الثانية لوزير الخارجية، صبري بوقدوم الى مالي لم تسلط وسائل الاعلام الدولية الضوء على الزيارة بشكل يخدم مصالح البلد الذي يمر بأزمة سياسية «بدأ يخرج منها» لأنها ببساطة لا تخدم مصالح أطروحات دول تلك التي يمثلها الاعلام الاجنبي المتواجد في الدولة الشقيقة وعلى رأسها الاعلام الفرنسي، بل تعمدت حتى التضليل في بعض الاحيان بشكل بعيد عن المهنية.
في مقابل ذلك، الاشقاء في مالي رحّبوا بشدة بزيارة بوقدوم وأفسحوا له المجال ما لم يلقاه دبلوماسي سابق، واستطاع لقاء كل الفاعلين في المشهد السياسي ولم يفرق بين مدني وعسكري أو بين مؤيد أو معارض، وكان الهدف واحد لتجاوز الازمة السياسية وتفادي تدهور الوضع الأمني.
دبلوماسية بعيدة عن البهرجة الاعلامية، نابعة من قيم الثورة التحريرية تعرف في الشدائد الصديق والعدو، هي دبلوماسية الجزائر، استطاعت في ظرف أقل من شهر مرافقة الاشقاء في مالي الخروج من الازمة وتعيين رئيس مدني لمرحلة انتقالية ووزير أول في توافق تام بين الشعب.
دول مجموعة غرب إفريقيا «الاكواس» لجأت، منذ بداية الأزمة الضغط على المجلس العسكري في مالي وأرادت تنفيذ أجندات لم تختلف عن أجندات الاعلام الأجنبي يمكن وصفها سوى بوجهان لعملة واحدة. عرف الماليون من يقف معهم ومن يقف ضدهم، ويقول المثل «وقت الضيق تعرف الصديق». الماليون عرفوا الصديق والعدو.
حين قال الرئيس تبون، إن 90 بالمائة من حل الازمة في مالي بيد الجزائر تفاجأ متابعون واعتقدوا أن في الامر مبالغة، لكن ما حدث بعد يوم واحد من زيارة وزير الخارجية بوقدوم تأكدت تصريحات الرئيس بتنصيب باه نداو رئيسا لمالي لمرحلة انتقالية، واحتفل الشعب الشقيق في ذكرى استقلاله الـ 60 بعد طرد «رموز الدولة الاستعمارية»، وقطع الطريق أمام دعاة الفتنة.
الجزائر أثبتت مرة أخرى صدق نواياها تجاه الاشقاء ورمت بثقلها لتغليب مصلحة مالي واستقراره على المصالح الضيقة وأظهرت للعالم أن حسن الجوار والصداقة قيمة رمزية نابعة من قيم مؤسسي الدولة الاوائل وليست وليدة المصالح الدولية.