يعيش كثير منا نفاقا اجتماعيا قاتلا وضع المشاعر الإنسانية تحت رحمة ميزان لا يشبه ميزان العدالة في شيء، فالأول يرجح المصلحة الشخصية على مصلحة الآخر والثاني يتبنى مبدأ المساواة وحفظ الحقوق في كل شيء، لذلك يلمس ويلاحظ تدهورا كبيرا في علاقاتنا الاجتماعية التي فقدت الثقة والشعور بالأمان، ولن نستثني أي علاقة مهما كانت قدسيتها من تلاعب النفاق الاجتماعي بها.
الادهى والامر ان الدين أيضا أصبح أحد المظاهر القوية التي يتجلى فيها هذا النوع من النفاق بالرغم من ان تعاليمه ترفض النفاق جملة وتفصيلا، فبين من يتخذ من الصلاة والمواظبة على أدائها في المسجد كتغطية على أعماله الدنيئة قد تصل إلى الإجرام والمتاجرة بالمخدرات، إلى اتخاذ المتدين الملتزم بتعاليم الإسلام كـ «وسم» تعريفي له وسط المحيط الذي يعيش داخله كوسيلة وطريق سهلة نحو تحقيق مصالحه على حساب آخرين هم أحق وأولى.
الغريب أن مظهر أكاديمي متعلم راقي في تعاملاته أصبح في مجتمعنا ينافس مظهر «متدين متصنع» بل ويُسيل لعاب متسلقين ولاهثين وراء المناصب والمصالح، فتكون الكلمات والمستوى التعليمي العالي درجة مهمة في سلب عقول «المغرر» بهم من اجل تحقيق اهداف يسطرها صاحبها بدقة شديدة تعتمد أسلوبا معينا وتمثيلا متقنا يهتم بالتفاصيل الدقيقة لشخصية وهمية يتلبسها اللاهث وراء مصلحة شخصية.
الأخطر من كل ذلك ان النفاق الاجتماعي يجعل مريدوه يتقمصون شخصية لدرجة الكذب على الذات، والتلاعب بمشاعر الاخرين من خلال لعبه على الحبلين، فاليوم قناع لهذا وغدا قناع اخر لشخص جديد، ما يجعل التأقلم مع هذا النوع من الشخصية التي غلب تواجدها على مختلف شرائح المجتمع مستحيلا، بسبب تقلباتها والمزاجية المفرطة التي تميزها، لذلك تعد من المظاهر المضرة بالمجتمع لأنها تهديد مباشر لتماسكه وسلامة علاقاته.
النفاق الاجتماعي إذا زاوية مظلمة من النفس البشرية يسكن اليها ضعفاء عاجزون عن تحقيق الذات بعيدا عن التملق لنيل الرضا والسكوت عن الخطأ حتى وان اضر بأقرب الناس اليه، لكن وككل مرة تبقى النواة الأولى للمجتمع هي المسؤولة عن تربية نشء معتدٍ بنفسه يملك الشجاعة الكافية لبناء نجاحه دون الركون الى نفاق اجتماعي هو ورم خبيث من الضرورة القصوى استئصاله من المجتمع.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.