لا شك أن مقاصد ونوايا الجزائر في دفع عجلة السلام في ليبيا إلى محطة الانتخابات صادقة، فقد تكون الجزائر الدولة الوحيدة التي تمدّ يدها لانتشال الأشقاء الليبيين من أزمتهم دون أن تنتظر مقابلا أو تكون جهودها مربوطة برغبة جامحة في الحصول على قطعة من الكعكة، وهي أهداف ودوافع أغلب، إذا لم نقل كل المتدخلين في ليبيا، الذين نراهم يتسابقون ودموع التماسيح تسبقهم، يخفون أطماعهم وراء مبادرات تتدافع كسيول جارفة دون أن تحقق أي انفراج، بل على العكس تماما، فكلما بزغ ضوء في الأفق إلا وتحرك زبانية الحروب والأزمات ولصوص الثروات لينسفوا كل شيء ويؤججوا الخلافات بين الأخوة الليبيين الذين يثيرون التساؤل، كيف لهم أن ينساقوا وراء من يعصف بأمنهم واستقرارهم، ويجرهم إلى فخّه، دون أن يميّزوا بين من يضمر لهم شرا، ومن يريد لهم خيرا.
الجزائر تعتبر أمنها من أمن ليبيا، وهذا بلا شك دافع قويّ يجعلها تحرص على استقرار الجارة الشرقية وإبعاد شبح الحرب عن المنطقة، لكن بالرغم من قوة هذا الدافع، فإن همّ الجزائر هو أيضا أن تسارع إلى نجدة الشعب الليبي وتساعد الإخوة الفرقاء على الخروج من هذا المأزق وتنبههم إلى حتمية أن يبادروا إلى كسر قيود طابور الدول المتدخلة التي تعمل بكل الطرق والوسائل على سدّ منافذ الحلّ السلمي لمعضلتهم، كما نرى اليوم.
فبعدما تعبدت طريق السلام وتحددت رزنامة الاستحقاقات، ها هم صناع الأزمات يعيدون خلط الأوراق، وابتداع خلافات بين الاشقاء، لهذا، مهما كانت النوايا الصادقة والمبادرة قوّية، فإن طيّ فصول المعضلة الليبية قد يأخذ بعض الوقت لأن الحل مرتبط بمبدأين أساسيين، وفاق خارجي وتوافق داخلي، وحتى الآن المبدأين غائبين، فبالرغم من أن المجتمع الدولي برمته يصدح بالتسوية السلمية وخروج المرتزقة، إلا أن المتدخلين في الشأن الليبي يرفضون رفع أيديهم عن هذا البلد، كما أن عامل التوافق الداخلي لا يزال “هشا”، والحل كما هو معروف يصنعه أبناء ليبيا بأنفسهم، لهذا يجب أن تنصبّ كل المبادرات في اتجاه إقرار المصالحة بين الليبيين وإزالة كل الخلافات والاختلافات بين الفرقاء، للخروج بتفاهمات همها الأول والأخير هو إنقاذ ليبيا بالفعل وليس الكلام، كما تؤسس له ندوة الجزائر لدول جوار ليبيا.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.