أن تطول الأزمة الليبية لأكثر من عقد من الزّمن دون أن تصل إلى حلّ، فهذا يعني أنّ هناك كثير من الأطراف الداخلية والخارجية تعمل بخبث ومكر على كبح مسار التّسوية السياسية في الجارة الشّرقية، وعرقلة أي خطوة نحو الانفراج.
مثل السّنوات العشر الماضية، هناك اليوم من يحمل معاول الهدم للإجهاز على ما تمّ إنجازه من تقدّم في العملية السّلمية الليبية، ويسعى بإصرار للحيلولة دون بلوغ الانتخابات التي تعتبر محطّة حاسمة وفاصلة تنهي حالة العنف والفوضى، وتضع البلاد على سكّة الهدوء والاستقرار.
الذين يشحذون سكاكينهم لنحر المسار السّلمي الليبي كثر، وبين فواعل الداخل ومتآمري الخارج، تشكّلت قوة صلبة مناوئة للاتّفاقيات الموقّعة في برلين وجنيف وتونس، وهي تدفع باتجاه استئناف الاقتتال والعودة بالأزمة إلى نقطة الصفر واضعة كمّا هائلا من العراقيل في طريق إقرار الإطار القانوني لإجراء الاستحقاقات، إذ كلّما تقدّمت عملية وضع القاعدة الدّستورية، إلا وأطلّ المعارضون لانتهاء المأساة الليبية من أوكارهم، مختلقين في كل مرّة ذريعة جديدة للحيلولة دون بلوغ محطّة الانتخابات التي لم يعد يفصلنا عنها غير بضعة أشهر.
والملاحظ أنّ زبانية الحروب وتجار الأزمات الذين يرهنون أمن ليبيا واستقرارها سواء من الداخل أو من الخارج، ضاعفوا هذه الأيام تحرّكاتهم الخبيثة للنّفخ في جمرة الاحتراب الداخلي، وهو ما نراه مترجما في المواجهات التي تنشب هنا وهناك، والمؤكّد أنّ هذا التصعيد ليس اعتباطيا، بل تسوقه رغبة جامحة في ضرب الجهود التي تبذلها دول خيّرة همّها الأساس مساعدة الليبيين على النجاة من هذا الفخ، وبلوغ برّ الأمان.
ليس صدفة بالتّأكيد أن تعود أصوات الأسلحة للارتفاع في ليبيا، وتكتسح لغة التّعنّت والتصعيد الساحة السياسية، إذ هناك من جنّ جنونه لما حقّقه اجتماع الجزائر الأسبوع الماضي من نجاح، وما حصدته نتائجه من تأييد عالمي، لهذا فهم يحاولون عبثا تحريك دورهم الهدّام، مستغلّين حالة شرخ أصابت صفّ الطبقة السياسية الليبية لنسف الإنجازات التي تحقّقت حتى الآن، لكن الذين شحذوا سكاكينهم لضرب العملية السياسية الليبية، سيفشلون في وقف عجلة الانتقال الديمقراطي ما دام الشّعب الليبي السيد متمسّكا بالانتخابات في موعدها، وما دامت دول كثيرة تتقدّمها الجزائر تقف إلى جانبه، وتساعده على بناء المصالحة كونها طوق نجاة الشعب الليبي بكل مكوّناته.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.