الانقلاب العسكري في غينيا أحدث حالة هلع وارتباك وسط العاصمة كوناكري بينما كانت الاشتباكات ضارية بين منفّذي الانقلاب على الرئيس آلفا كوندي وقوات الحرس الرئاسي وعناصر الأمن النظامية، لكن وقع المفاجأة لم يكن شديدا خارج البلاد لاسيما على مستوى افريقيا، حيث تكاد تتحول الانقلابات إلى نظام حكم جديد في القارة السمراء.
في ظرف سنة شهدت القارة الإفريقية ثلاثة انقلابات عسكرية، البداية كانت من دولة مالي التي أطاح فيها الجيش بمباركة شعبية، بالرئيس ابراهيم ابوبكر كيتا بعد سنوات من حكم اتّسم بالفشل في إقرار الأمن و التنمية، وشكّلَ على إثر الانقلاب مجلس عسكري مصغّر لغاية تشكيل سلطة انتقالية مدنية لم تمض عليها أشهرا حتى انقلب عليها العسكر بحجة خروجها عن خارطة الطريق المتفق عليها.
وغير بعيد عن مالي، اغتيل رئيس تشاد إدريس إتنو ديبي أثناء “قيادته لعملية عسكرية” ضد متمرّدين مسلّحين، وذلك مباشرة مع إعادة انتخابه لعهدة رئاسية جديدة، ليتولى نجله محمد ديبي رئاسة مجلس عسكري يقود مرحلة انتقالية رغم رفض الاتحاد الافريقي ومجموعة دول غرب افريقيا “اكواس” لهذا التحول.
مبرّرات تنفيذ الانقلابات تنحصر في مواجهة الفساد والاستبداد عموما، وفي افريقيا يحدث الانقلاب غالبا في مستعمرات فرنسية سابقة، والانقالبيون يعلنون أنهم يهدفون إلى تصحيح مسار النظام.
لكن أن تتحول الانقلابات إلى ظاهرة شبه طبيعية في إفريقيا، فهذا يؤكّد أن آليات مواجهتها من طرف المجتمع الدولي هشة للغاية وكثيرا ما تتميز بازداوجية الخطاب حسب نفوذ القوى الكبرى في المنطقة، الأمر الذي يغذّي روح التمرد داخل الجيوش ويعمّق معاناة شعوب بعض الدول الافريقية التي تعيش الأمرّين: بؤس الأنظمة من جهة واستبداد الانقلابيين من جهة أخرى.
ومن المؤكّد أن تساهل المنظمات الأممية والإقليمية مع الانقلابيّين، وتعاملها بمنطق ازدواجي حسب مصالح ونفوذ القوى الكبرى، واكتفائها بالتنديد دون عقوبات أدّى إلى فتح الشهية للانقلابات وتصفية الحسابات.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.