لم تكن فرنسا الرسمية يوما بلادا للعدل والإنصاف، بل إن هذا البلد الذي لم يتوقف عن تلطيخ يديه المتسختين أصلا بالدماء عن ممارسة الإمبريالية والاستعلاء السياسي والاقتصادي على دول شتى في العالم، أو لنقل تلك التي لا يزال يعتقد العنصريون فيها أنهم أكبر وأعلى في المقام والعظمة منهم، فيما تتلقى فرنسا الرسمية الإهانات بل الصفعات المتكررة علنا وأمام العالم من الأمريكان وغيرهم.
لقد كانت الجزائر عبر التاريخ أرضا مُذلّة للإمبريالية في نسختيها الرومانية أو الأوروبية بعد أن تغيرت الكثير من الأفكار والأسماء، غير أن الممارسات بقيت ذاتها.
تكمن المقاربة هنا في كون الجزائر الضاربة في التاريخ قبل أن يصبح للفرنسيس رسم أو اسم في العلاقات الدولية، حملت الحكمة عبر مراحل التاريخ المتوالية وقدمت للإنسانية مرارا وتكرار الرقي والسمو من بطولات سيفاكس ويوغرطة إلى مقاومات الأمير عبد القادر والعربي بن مهيدي وغيرهم كثر، فيما كان الفرنسيون الذين لا يعترفون بصديق أو فضل، يخططون بعد أن أنقذتهم الجزائر من المجاعة والبؤس، في احتلال سيدة المتوسط الأعظم، بما لها من أبهة وعظمة، لولا انكسارات المعارك، وبزوغ عصر الأفول في العالم الإسلامي.
تكشف عنجهية ماكرون الباهتة كعهدته المنتكسة التي تواصل فيها فرنسا عهد التراجع المستمر عن عُقد لن تبرأ وأمراض لن تشفى من الجزائر المحروسة بعناية الله. فقد نسي أننا كنا في التاريخ «إلياذة الجزائر» رواها شعرا مدبجة مفدي زكريا قائلا: «إن الجزائر في الوجود رسالة.. الشعب حررها وربك وقعا»، ثم واصل سرد أحداثها وتواريخها وأمجادها وأبطالها فما ضاقت عليه بما رحبت بل كتبت كلماته بنجوم السماء وكانت ولاتزال ماثلة أمامنا بازغة بالمجد والعظمة.