أجمع مختصون وخبراء في القانون الدولي تحدثت إليهم «الشعب»، على أنّ إرهاب المغرب الذي وظّفه في استهداف رعايا جزائريين عزّل، انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الدولية وخرق لمواثيق حقوق الإنسان.
ولهذا فإنّ مراسلة الجزائر للهيئات الدولية على رأسها هيئة الأمم والمتحدة والإتحاد الإفريقي، من باب تحميلها المسؤولية التاريخية ضد إجرام المخزن، في إطار عمل دبلوماسي ينمّ عن احترام الجزائر للقنوات الدولية.
ويشدّد المحامون والمختصون في القوانين الدولية، وانطلاقا من مراسلة الجزائر للهيئات الدولية، فإنّ الأمم المتحدة، ستكون ملزمة بفتح تحقيق في استعمال نظام المخزن لأسلحة متطورة ضدّ رعايا أجانب في منطقة ليست له، عن طريق تقرير يرفعه الخبراء إلى الهيئة الدولية، ما جعل اليوم المغرب يقع في ورطة من منظور القانون والعرف الدوليين.
وفي السياق شدّد المحامي نجيب بيطام، أنه وعملا بأحكام القانون الدولي، فإنّه وبعد مراسلة الجزائر للهيئات الدولية، سيتم فتح تحقيق في قضية استهداف رعايا جزائريين أبرياء بأجهزة متطورة، مبرزا أنّ «كلا من الجزائر والمملكة المغربية، عضوان في منظمة الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي وحتى جامعة الدول العربية، ما يفسّر إقدام الجزائر على إبلاغ هذه الهيئات بالأمر.
ففي أعراف القانون الدولي-يقول المتحدث- وفي عمل هذه المنظمات تتلقى هذه البلاغات، وقد تدعو إلى عقد جلسة طارئة سواء بمجلس الأمن في حالة تطوّر الأحداث، أما في حالة مثل الاعتداء الذي أقدم عليه المغرب باستهداف مدنيين عزل في منطقة لا تنتمي للسيادة المغربية، علما أنه في هذه المنطقة توجد بعثة «المنورسو»، التي تتولى التحقيق في الحدث، ونقل تقريرها إلى منظمة الأمم المتحدة، وبالموازاة مع شكوى الجزائر والتحقيق سيتم اتخاذ قرار أممي».
وأبرز محدثنا أن « التحقيق من المفترض أن يوكل إلى بعثة المينورسو المتواجدة في المنطقة، التي من مهامها وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، لكن استهداف مدنيين عزل لا ينتمون إلى منطقة النزاع قد يخوّل للأمم المتحدة إرسال بعثة مستقلة، ونفس الأمر بالنسبة للاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، وعلى ضوء التحقيقات يصدر بيان قرار أممي أو إفريقي».
وأضاف المحامي بيطام أنه «وبعد فتح تحقيق أممي في إرهاب المغرب، سيكون هناك تفاعل، إما بعقد جمعية عامة، أو إحالة الملف أمام مجلس الأمن لاتخاذ قرارا ضد المغرب»، مشدّدا على أن «كل شيء متوقف على نتائج التحقيق، وقد تلجأ هذه المنظمات إلى تشكيل لجان تحقيق أخرى وترسلها للمنطقة، وهو المتوقع قبل إصدار أيّ قرار نهائي، إما بالإدانة أو باتخاذ إجراءات ضد المملكة المغربية، حسبما ينص عليه الشق القانوني الدولي».
وبالرغم من أنّ القانون الدولي يخوّل للجزائر، جعل الحدود بين الجزائر والمغرب منطقة عسكرية، بسبب مخاطر إغراق البلاد بالمخدرات، إلا أنها لم تجعل الحدود منطقة عسكرية، احتراما لحقوق الإنسان رغم أنّ القوانين الدولية تعطينا الحق في ضرب المهربين. يقول محدثنا.
الجزائر قد تفعّل بعض أحكام الدستور
وطالب رجل القانون بتفعيل أحكام الدستور، التي تخوّل للجيش الوطني الشعبي، الخروج خارج الحدود حماية للتجار الجزائريين عند المرور في الممر الرابط بين الجزائر وموريتانيا، مشدّدا على أنّ «الضربة لم تكن اعتباطية، بل محسوب لها عسكريا كفعل استفزازي، واقتصاديا لأنّ المغرب يريد إيقاف الحركة التجارية بين المغرب ودول الجنوب، وما يؤكد ذلك فتح معبر الكركرات لعبور التجارة المغربية لموريتانيا ومنافسة التجار الجزائريين، ما يعطي الحق للجزائر بحماية القوافل التجارية في المنطقة وذلك بالتواجد العسكري، أو استعمال طائرات بدون طيار لمرافقة القوافل، حيث يعطينا الحجة لاستعمال أدوات عسكرية خارج حدودنا.
تصرّف دبلوماسي حكيم
من جانبه، يؤكد الأستاذ في القانون د. أحمد دخينيسة، أنّ القانون الدولي يمكّن من فتح تحقيق في الحادثة الإجرامية، بسبب وقوع اعتداء في أرض لا تنتمي للسيادة المغربية، بل تقع تحت حكمها كمستعمرة لذلك فهي تتحمل مسؤوليتها.
ويكون التحقيق ـ وفق الأستاذ بجامعة الجزائر ــ « تشكيل لجنة تتكون من خبراء، تحقق في جريمة ضدّ حقوق الإنسان، وهي استهداف رعايا دولة أجنبية أخرى في أرض محتلة، كسلطة محتلة تتحمل المسؤولية كاملة».
مبرزا أنّ الجزائر اليوم تضع الهيئات الدولية أمام مسؤوليتها كاملة، بعد مراسلتها لها، خاصة وأنها احترمت القانون الدولي، ولا يمكن تصنيفه سوى في خانة أنه تصرف دبلوماسي حكيم».
الجزائر احترمت القنوات الدولية
وفي نفس الإطار، يؤكد الخبير في القانون الدولي، اسماعيل بن خلف الله، أنّ «الجزائر عندما تقدمت بشكاوى إلى الهيئات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، فهي تنطلق من ثقل دبلوماسيتها وحكمتها وحنكتها، حيث لا ترد على الاستفزازات مباشرة، كما كان ينتظر المجرم، بأن تذهب مباشرة وترد بالمثل كما يريده البعض، فالرد الطبيعي أن تلجأ لقنوات الدبلوماسية الدولية، على رأسها الأمم المتحدة، حتى أنّ هناك قنوات قضائية قد تلجأ إليها الجزائر، فبإمكانها طرق باب محكمة العدل الدولية، بصفتها هيئة قضائية تختص بالنزاعات التي تنشأ بين الدول، خاصة وأنّ الجزائر ضحية عمل إجرامي صادر من دولة جارة، ويعتبر ما قامت به جريمة دولة».
وأضاف أنّه «عندما تتقدم الجزائر للهيئات الدولية، فهو يؤكد التزامها واحترامها للاتفاقيات والقنوات الشرعية، وأنها لا تتفاعل ولا تستعمل الأساليب الخارجة عن النطاق الذي يخرج عن نسق العلاقات الدولية، بالرغم أنها تستطيع الرد بالمثل، لكنها اختارت التدرج بتقديم الشكاوى حتى تتحمل الهيآت الدولية مسؤوليتها، ويتحمل المغرب مسؤوليته أمام المجتمع الدولي، وهو الإجرام والإرهاب الذي يمارسه النظام المغربي، الذي ليس له أيّ مبررات، فحتى في حالة وجود حرب، فإنّ أفراد الجيش المغربي ليس لهم الحق في قصف المدنيين فكل التشريعات الدولية تمنع ذلك، ما يؤكد أنّ نظام المخزن أصبح أداة صهيونية، لأنّ الكيان حشد أذرعه ضد الجزائر».
أبشع صور المخادعة والغدر
أما المحامي صويلح بوجمعة، فيؤكد أنّه ووفقا للقانون الدولي، «يحقّ لكل دولة حماية رعاياها في الخارج، والجزائر من هذا الباب بعد الاعتداء الحاصل على رعاياها في أقاليم تابعة في دول معينة، لا يحق لأيّ طرف كان أو قوّة معيّنة، أن تتعدى وترتكب جرائم تصل إلى الإرهاب الدولي من طرف قوّة، أصلا هي محتلة لشعب في أراضي محتلة وتتعدى على جوارها وتحاول أن تغلق ممرات التعاون التجاري، بقتل مدنيين، يمارسون التجارة ويبحثون عن سبل العيش في التنقل.
وتساءل “أيحق لدولة متحالفة مع قوى أجنبية أن تعتدي وتستفز جيرانها بأساليب وجرائم لا تغتفر، وتقدم للإنسانية أبشع الصور في المخادعة والغدر وانتهاك قواعد القانون الدولي والأعراف الدولية”.
وأضاف «الجزائر من خلال دبلوماسيتها أخطرت الجماعة الدولية، والمنظمات الدولية، وحتى الرأي العام الدولي والعالمي، بما يحاك ضد سلامة ترابها وأمنها وسلامة جوارها في منطقة شمال إفريقيا ككل وحتى في إفريقيا ذاتها، هذا تأكيد لأدوارها في حماية السلم والأمن العالميين وإزالة الاستعمار، وتقويضه في أشكاله الجديدة، من إفريقيا».