تَتّجه المجالس الشعبية الولائية المنتخبة لأول مرة في الولايات العشر المستحدثة في الجنوب الكبير، إلى الانخراط في السياسات الحكومية الجديدة المبنية على تنويع مصادر الاقتصاد الوطني وصناعة الثروة محليا.
قال الخبير الاقتصادي وأستاذ بجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف الدكتور إسحاق خرشي، لـ’’الشعب‘‘، إن انتخاب المجالس الولائية تحديدا سيمس لأول مرة الولايات الجديدة المستحدثة، وسيكون أمامها تحديات كثيرة، أغلبها اقتصادي متعلق بالتنمية.
الولايات الجديدة ـ وفق ما أكد خرشي ـ تفتقر للعديد من الهياكل التنموية القاعدية، لذلك على المجالس المنتخبة الاجتهاد أكثر، وتطالب بميزانية خاصة لبناء هياكل الإدارات العمومية، والمستشفيات، والجامعات، المدارس والمستشفيات الجامعية، وغيرها من متطلبات التنمية المحلية في المنطقة.
تحدّيات تنموية كبيرة
وأوضح الدكتور إسحاق خرشي، أن الولايات العشر الجديدة ستكون أمام تحديات تنموية كبيرة، وسيكون للمجالس المحلية كلمة في ذلك، خاصة المجالس الولائية في أول تشكيل وعمل لها.
وتم العام الماضي ترقية الولايات المنتدبة إلى ولايات كاملة الصلاحيات، وذلك في إطار تنمية الجنوب.
قلة الموارد قد تؤثر على التمويل
ويرى خرشي أن المجالس المنتخبة الجديدة يقع على عاتقها إطلاق حركية اقتصادية لتصبح قطبا جهويا بامتياز، بالرغم من وضعية التقشف وقلة الموارد المالية في الوضع الراهن، حيث يتم ذلك على المديين القصير والمتوسط، من خلال فتح الحدود مع دول الجوار.
وأضاف المتحدث أن الوضع المالي للجزائر سيؤثر على تمويل هذه الولايات، لذلك من الأفضل أن يكون لولاتها الجدد توجه اقتصادي وليس إداريا، حتى يستطيعوا توفير مداخيل للولاية، ونتجه من خلال ذلك أكثر نحو الولاية الاقتصادية.
من جهة أخرى، يجب تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية للجزائر مع دول الجوار لجلب المستثمرين الأجانب لتحقيق التنمية في الولاية المعنية.
تسريع وتيرة التنمية المحلية
من جانبه، قال الباحث السياسي د.عبد الحميد فرج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الوادي في حديث لـ ’’الشعب‘‘، إن فكرة إنشاء ولايات جديدة تستند إلى مبدأ تقريب الإدارة من المواطن وتسريع وتيرة التنمية المحلية، وتوسيع قاعدة الديمقراطية التشاركية بالوصول إلى أكبر قدر ممكن من مساهمة الفئات المجتمعية في صناعة القرار المحلي، وذلك هو المنطلق الرئيسي الذي تبنته الدولة الجزائرية من خلال إنشاء عشر ولايات جديدة، وبدأت كأولوية مع الولايات الجنوبية.
ويرتقب بروز حركية ديناميكية تنموية جديدة، بحسب فرج، بتنصيب مجالس ولائية تتشكل لأول مرة في الولايات العشر المستحدثة في الجنوب.
عكس ما كان عليه الحال سابقا، حين كانت بعض المناطق بالولاية غير ممثلة في المجلس الشعبي الولائي، مما أدى إلى غياب تمثيلها، وبالتالي غياب صوتها لدى السلطات التنفيذية الولائية.
ديناميكية سياسية جديدة
وبحسب الباحث السياسي فرج، يمكن للمجالس المنشأة لأول مرة في الولايات العشر الجديدة، خلق ديناميكية سياسية جديدة من خلال فتح مكاتب وفروع للأحزاب السياسية الوطنية، ومنه توسيع المشاركة السياسية وانخراط الكفاءات والشباب في مختلف الاستحقاقات المحلية والوطنية، وبذلك تحييدهم عن ظاهرة العزوف، وعدم التخلي عن المهام المنوط بهم في المجتمع.
روح المبادرة
في المقابل، أوضح الباحث في علم الاجتماع السياسي د. عبد الله رقيق في لقاء مع ’’الشعب‘‘، أن المنتخب المحلي لا يملك روح المبادرة، ولا يستطيع خلق الثروة في بلديته.
واعتبر أن كل محاولة ومبادرة حقيقية منه تصطدم من خلالها بالقوانين وإشكالية تداخل الصلاحيات، وبالتالي أصبح لابد من مراجعة القوانين وإعطاء الصلاحيات الواجبة له، ومن ثمة محاسبته على قوته أو ضعفه في التسيير.
وأضاف ‘‘رقيق’’ أن قوانين التسيير لم يتم مراجعتها، وكانت تتبع مرحلة معينة ومنهج اقتصادي معين اتّسم بطغيان الجانب السياسي على الاقتصادي من خلال منح رؤساء الدوائر صلاحيات هي في حقيقتها مفتكة من المنتخب، ما أثر سلبا على التسيير داخل المجلس المنتخب الذي يبادر في إقليم البلدية والولاية.
ويعتقد الدكتور عبد الله رقيق أن هناك فرق بين الكفاءة والشهادة في تسيير الشأن العام، حيث تتحمل الأحزاب تكوين منتخبيها سياسيا وقانونيا واقتصاديا.