يفضل المختص في القانون الدستوري بوجمعة صويلح أن يمنح القانون الجديد الجماعات المحلية استدامة في مواردها المالية والبحث عن مصادر تمويل جديد باستقطاب نخب وكفاءات محلية، ما يبعدها ويخرجها من دائرة انتظار “إعانة” الدولة.
يتحدث المختص في القانون الدستوري صويلح بوجمعة، في اتصال مع الشعب”، عن الابعاد الاقتصادية والمالية والاجتماعية للمجالس البلدية، حسب دراسة استشرافية قام بها لما يجب أن تكون عليه المجالس المحلية، خاصة البلدية لتتمكن من تأدية دورها المنوط بها على المستوى المحلي سواء اقتصاديا او اجتماعيا، حيث سيكون على عاتقها استدامة مواردها المالية من خلال البحث عن مصادر تمويل جديدة واستقطاب نخب كفاءات محلية.
والبحث أيضا في قدرة المركز على احتواء الفورة السكانية، بتأمين الخدمات الأساسية للفئات المجتمعية المقيمة في المدن وضواحيها.
وهنا تأتي البلديات – حسبه- كموجه لامركزي إداري للتخفيف عن سلطة المركز، لكنها بتشاركية أوسع مع المجتمع المدني، والقطاع الخاص لتطبيق قانون عملي أوسع بصلاحيات منحها لها الشارع وذلك حق ممارسة التمثيل الديمقراطي.
ويلاحظ صويلح ان اللامركزية الإدارية تشوبها حالة اضطراب، وعدم استقرار بين ما يجب عليها، وبين واقعها، وما يجب ان يتوافق مع احتياجات السكان والمجتمع محليا، وملائمة النظام اللامركزي الإداري في الجزائر مقتضيات التنمية المنشودة.
لكن بالرغم من ذلك قانون البلدية والولاية بحاجة الى تعديل مرن يسمح بتحقيق الأهداف المرجوة من المجالس المحلية0.
وعن قانون الانتخابات المطبق حاليا، قال صويلح انه غير موات لطموحات الجزائريين في هيئاتهم المنتخبة، الى جانب عدم ايفاء مالية البلديات ما يتطلب استغلال مواردها المختلفة لغرض تحقيق الأدوار المطلوبة منها.
لم تعد اللامركزية مجرد نظام لتوزيع الوظائف بين السلطة المركزية والمحلية، حسب المتحدث، بل أضحت وسيلة لتحقيق التنمية المحلية التي تُعرف على انها عملية لإعادة تشكيل هياكل المجتمع وتتيح استخدام الموارد المحلية الاقتصادية والبشرية لبناء القاعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع.
وأكد المتحدث ان الكفاءات العالية مهما كانت هي كفاءة القيادات والعناصر البشرية التي تقود التنمية المحلية المنتجة، لأن المورد البشري أهم عامل مكون (خالق) للثروة، ولأن مساهمة الهيئات والجهات المانحة الداخلية والخارجية داخل الدولة، بتعزيز العمل البلدي والتنمية محدودة في إطار المشاريع الكبرى التي تتطلب تمويلا من ميزانية الدولة.
آلية مالية مستقلة..
وقال صويلح “لابد من آلية لامركزية مالية مستقلة للتحصيل والإدارة والتوزيع تتوافق مع التعديلات المستجدة والمتحركة، ما بين البلديات والولايات بنظام محاسبي موحد وحديث، بتطوير قدرة البلديات على جباية مواردها المالية وقدرتها على تحقيق التغيير الإيجابي المحلي عن طريقها قصد إطلاق التنمية”.
وهنا -حسب المختص- لابد من وجود نظرة تتطلب تعديل قوانين عديدة منها قانون الانتخابات الذي تم تعديله مؤخرا، قانون البلدية والولاية المرتقب إصداره قريبا، قانون المحاسبة العمومية، قانون الرسوم والعلاوات البلدية حسب خصوصية كل بلدية او مجموعة بلديات متحدة لتنمية قدراتها على الاستثمار في مشاريع تنفعها ولفائدتها على المدى المتوسط والبعيد.
في السياق، أكد صويلح على ضرورة وجود إرادة سياسية جامعة لإحداث التغيير في الإدارة المحلية والابتعاد عن خوف البعض من ان يكون ذلك مقدمة لضرب مركزية الدولة.
مشاكل..
ورصد أستاذ القانون الدستوري من خلال متابعته للدراسات والمؤتمرات والندوات العلمية وورش العمل التي شارك فيها حول “البلديات والولايات”، الكثير من المشكلات، أهمها الجانب القانوني والهيكلة التنظيمية وعدم وجود قانون بلديات متطور يواكب حاجيات المواطن وتطلعات المجالس البلدية، الى جانب تداخل وتشابك الصلاحيات بين المركز والتمركز واللامركزية، إضافة الى تعدد الجهات المُتَدَخِلة في العمل والتصرف الإداري.
هذا يربك –حسب المتحدث- عمل البلديات والجهات الأخرى الرسمية، حيث يعدم المساءلة والمسؤوليات والتهرب من المتابعة والعقاب.
في الوقت نفسه، يعتبر المصدر تغليب النزعة المركزية الإدارية تقويضا للعمل الإداري واعاقة لسير المرفق العام، كاشفا أن استشارة السلطات الرقابية بصلاحيات واسعة متشعبة ومتعددة تخنق الأداء البلدي وتعطله ان لم نقل تعرقله عمدا.
وفيما يخص الانتخابات المحلية الأخيرة، أكد المختص وجود تفاؤل كبير لدى الناخبين والمواطنين يعكسه اقبالهم على صناديق الاقتراع، في محاولة لإيجاد حلول للخروج من الوضع الذي تعيشه البلد داخليا.
وأبدى المختص أمله في ان تتماشى القوانين العضوية اللاحقة مع روح الدستور، وتتجسد بأساليب مرنة بين المركزية واللامركزية حتى يؤدي هذا الانفتاح الى نماء اقتصادي واجتماعي.
وينتظر صويلح من الانتخابات المحلية الأخيرة ان تتيح للبلديات فرصة الحصول على مجالس بلدية أكثر تنوعا، بمشاركة المرأة والشباب والعنصر الثقافي وانخراط النخبة والخبرة في الشأن العام، وان تكون أكثر ديمقراطية لترضي طموحات ناخبيها، من خلال وصول قادة محليين يمثلون خيارات الناخبين الاقتصادية الاجتماعية والانمائية وان يمثلوا ناخبيهم تمثيلا صادقا.
حركية اقتصادية
يذكر ان رئيس الجمهورية في تصريحه الأخير عقب أداء واجبه الانتخابي، اكد ان 900 بلدية من اصل 1500 تعتمد اعانة الدولة في تسييرها، وهو ما جعل إعادة النظر في المنظومة القانونية للجماعات الإقليمية البلدية والولاية لتوسيع صلاحياتها والبحث عن مصادر أخرى لتمويل ميزانياتها، بفتح المجال أمام الاستثمار في جميع المجالات، لاسيما الفلاحة، السياحة والصناعة والخدمات، بما يمكنها من تجسيد مخططاتها التنموية بطرق تسيير ناجعة وفعالة لمصالحه العمومية، وهو ما سيمنح البلدية كجماعة إقليمية القاعدة القانونية لأداء دورا بارزا في التنمية المحلية بالتوجه نحو تنويع إيراداتها المالية.
اختيار رئيس البلدية
في تصريح سابق لوزير الداخلية والجماعات المحلية، حدد خطوات اختيار رئيس المجلس الشعبي البلدي بعد إعلان النتائج النهائية حيث يستدعي الوالي المنتخبين قصد تنصيب المجلس الشعبي البلدي خلال الأيام الثمانية التي تلي إعلان النتائج النهائية للانتخابات، حسب المادة 64.
وحسب المادة 64 مكرر يجتمع المجلس الشعبي البلدي تحت رئاسة المنتخب الأكبر سنا لانتخاب رئيسه خلال الخمسة أيام التي تلي تنصيب المجلس. ووضع مكتب مؤقت للإشراف على الانتخاب يتشكل من المنتخب الأكبر سنا ويساعده المنتخبان الأصغر سنا، على أن يكونوا غير مترشحين، حيث يستقبل هذا المكتب المؤقت الترشيحات لانتخاب الرئيس ويعد قائمة المترشحين.
وحسب المادة 65 المعدلة، يقدم المترشح للانتخاب لرئاسة المجلس الشعـبي البلدي من القائمة الحائزة عـلى الأغلبية المطلقة للمقاعد.
وفي حالة عـدم حصول أي قائمة على الأغلبية المطلقة للمقاعد، يمكن للقائمتين الحائزتين على خمسة وثلاثين في المائة (35%)على الأقل من المقاعد تقديم مرشح، أما في حالة عدم حصول أي قائمة عـلى خمسة وثلاثين في المائة (35%) على الأقل من المقاعد، يمكن لجميع القوائم تقديم مرشح عنها، وفي حالة تساوي الأصوات المحصل عليها، يعلن فائزا المترشح الأكبر سنا. ليتم تنصيب المجلس بـ5 أيام على الأكثر، يجتمع أعضاؤه مرة أخرى تحت رئاسة المنتخب الأكبر سنا، من أجل انتخاب رئيس المجلس.