في كل الأزمات والطوارئ، فرض المجتمع المدني نفسه طرفا في مرافقة العمل السياسي مقدما مقترحات حلول دون البقاء على الهامش.
من خلاله أظهر المجتمع المدني أن له مكانة في مسار التحول وإدارة الشأن العام، متقاسما الدور مع الطبقة السياسية والنخب، منهيا احتكار الممارسة السياسية.
يتضح لنا الدور وتبرز دلالته في مسار التحول الذي تخوضه الجزائر لاستكمال بناء الدولة الوطنية، استجابة لمطالب مشروعة من قاعدة تناشد التغيير، لإعطاء ديناميكية اكبر لوظائف أجهزة الدولة ونظام الحكم والمنظومة الاقتصادية، واستجابة لروح العصر.
المجتمع المدني، الذي برز دوره في الوضعية الصحية، منخرط في محاربة انتشار وباء كورونا، شارك في عمليات تضامن واسعة مع عائلات تحت العزل المنزلي والحجر الصحي.. يعود هذه الأيام إلى الواجهة للقيام بمهمة تحسيس وتعبئة للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور.
يقوم المجتمع المدني بهذه الوظيفة، مقدما شروحا مستفيضة بشأن تعديلات واردة في الدستور، الذي يحدد أرضية انطلاق مسار تقويم وإصلاحات عميقة في مختلف أوجه الحياة العامة، بعيدا عن حسابات الربح والخسارة، وغايته المساهمة في مرحلة التحول السياسي والممارسة الديمقراطية التعددية، التي تقوم على مبدأ التداول على السلطة وترفض احتكار القرار.
من خلال هذه الممارسة، ودائرة تحركه وتنظيم ندوات ولقاءات في حملة الاستفتاء على تعديل الدستور، يؤسس المجتمع المدني لعلاقات جديدة مع مؤسسات الدولة والجماعات المحلية، تكشف انه شريك كامل في معادلة البناء الوطني، مزيلا صور نمطية وكليشيهات تعتبره جمعيات ريعية تجري وراء منافع..
من المفيد التذكير بلقاءات عديدة حول المجتمع المدني ومطالب مرفوعة بإحداث تناسق وانسجام في مكوناته وغاياته، لإظهار كم هو مجدي الدور المحوري للجمعيات الفاعلة في التواصل والاتصال، ليس فقط مع السلطات العمومية، بل المواطن الذي يطالب بالتكفل به، بعيدا عن اعتباره مجرد ورقة انتخابية عابرة.
في زمن حراك مواطني يطالب بتغيير قواعد ممارسة السلطة، يبرز دور المجتمع المدني وتتعاظم إرادته في أن يكون الشريك الفاعل والفعلي في مسار تغيير ديمقراطي هادئ يؤسس لجزائر جديدة.