لطالما كان للعلم والتطور التكنولوجي دور مهمٌّ في تغيير الكثير من المفاهيم والعادات في حياتنا اليومية، ومفهوم الدولة ليس بمعزل عن هذه التطورات، فما يُعلن عنه من ابتكارات تكنولوجية وتقنية من شأنه أن يؤثر عليها، لاسيما مفهوم السيادة، والذي تبلور مع معاهدة وستفاليا سنة 1648 والتي نصت في أحد بنودها على وجوب احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
أحد هذه الشؤون المعاصرة، تتمثل في احتكار الدولة لصك العملة الوطنية، والتحكم في وسائل الاتصال السريعة مثل الأنترنت، بحيث تكون خاضعة لمراقبتها وسيطرتها بشكل حصري وكامل.
أحد هذه الابتكارات التكنولوجية التي أعلن عنها رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك، يجعل من سيادة الدولة محل اختبار حقيقي، حيث أطلق سنة 2019 مشروع الأنترنت الفضائي «ستارلينك»، يهدف إلى تمكين الناس حول العالم من استخدام أنترنت عالي التدفق عبر الأقمار الصناعية بدون الحاجة لاستخدام الأنترنت الأرضي، ما يجعل الدولة غير قادرة على مراقبة أو التحكم في هذه التكنولوجيا والتي لعبت دورا كبيرا في إشعال فتيل الأزمات في العديد من الدول العربية، لاسيما وأن إيلون ماسك قد وعد، ردًّا على أحد المستخدمين الإيرانيين، بأنه سيدعم الإيرانيين بأفضل طريقة ممكنة للوصول إلى الأنترنت عبر الأقمار الصناعية، ويضم المشروع 12 ألف قمر صناعي، مما يجعل من عملية التشويش عليها ضربا من الخيال، لاسيما في الدول النامية.
هل سمعت بالبتكوين من قبل؟ هذه أشهر عملة إلكترونية مشفرة غير خاضعة لرقابة أي دولة في العالم ويتم تداولها عبر الأنترنت، تم إطلاقها من قبل شخص مجهول الهوية سنة 2009، وتبلغ قيمتها السوقية حاليا 1000 مليار دولار، ما يمثل 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي للقارة الإفريقية. وتوجد في العالم حاليا، أكثر من 14 ألف عملة مشفرة بقيمة فاقت 3000 مليار دولار، ما يوازي الاقتصاد الألماني. عملات يتم تداولها بين 200 مليون شخص عبر العالم وهم عدد مستخدمي هذه العملات وهم في تزايد مستمر يوما بعد يوم، ما يدفعنا للقول إن سيادة الدول في تآكل مع ظهور فواعل جديدة فوق دولاتية.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق