قال الخبير والمستشار السابق بوزارة الفلاحة المهندس أحمد ملحة، إن الحديث عن القطاع الفلاحي في مجالس وزراء عديدة، دليل على الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للفلاحة.
أكد المهندس أحمد ملحة، بخصوص قرارات مجلس الوزراء في الشق الفلاحي، أن الأمن الغذائي ركيزة من ركائز السيادة الوطنية وعنصر أساسي لتقويتها.
وقد اتخذ رئيس الجمهورية قرارات هامة لتطوير القطاع الفلاحي، مشيرا بخصوص إنتاج الحبوب إلى أن تحديات كبيرة تنتظر الجزائر، خاصة عندما يتعلق الأمر بإنتاج 13 مليون قنطار فقط في سنة 2021.
وأوضح ملحة في تصريح لـ«الشعب»، بخصوص مضاعفة إنتاج الحبوب، وجوب إعادة توجيه الجهود في القطاع الفلاحي وخاصة في الجنوب، لأن النسبة الضئيلة المسجلة هذه السنة جاءت نتيجة الجفاف والتغيّرات المناخية التي أثرت على الإنتاج السنوي.
لذلك أراد رئيس الجمهورية أن يكون التوجه نحو هذه الشعبة والفلاحة الصحراوية وإنتاج الحبوب والأعلاف بالجنوب الكبير، لأنه يحوي موارد مائية كبيرة تسمح بممارسة المكننة الفلاحية، خاصة وأن هناك أراضي بعشرات الآلاف الهكتارات يمكنها تحقيق 100 قنطار في الهكتار، وهو ما دفع مجلس الوزراء الأخير إلى دعم منتجي الحبوب.
إعادة النظر في الموارد البشرية
في النقطة الثانية المتعلقة بإعادة النظر في الموارد البشرية وتغيير الذهنيات في القطاع، من أجل تحقيق الأمن الغذائي، يرى الخبير الفلاحي أن الجزائر تملك معاهد ومدارس عليا للفلاحة يتخرج منها آلاف المهندسين غير المستغلين، الذين في الأصل هم مرافقين للمستثمرات الفلاحية والفلاحين لتقديم الإرشادات والزيادة في الإنتاج والمردودية، إضافة إلى غياب دعم القدرات في مجال الفلاحي والتكنولوجي، بالرغم من ان الدول المتقدمة تتقدم وتتطور بالميزانية الموضوعة لدعم قدرات العاملين في المجال، هذا الشيء الذي نفتقده ويؤثر على تطور الفلاحة في بلادنا.
وصرّح المتحدث بشأن الاستغلال الأمثل للمساحات الزراعية لزيادة المردودية، أن الموضوع جد مهم، لأن المساحات الزراعية معظمها مجزأة لمساحات صغيرة من غير الممكن تطوير الفلاحة وإدخال المكننة فيها، لذلك تستغل الأراضي البور غير المستعملة، وهنا يجب الإشارة -يقول المتحدث- إلى مشكل العقار الفلاحي وبعض القوانين التي يتضمنها هذا الأخير، خاصة ما تعلق بالشراكة، مع تقديم تسهيلات أيضا في هذا الموضوع وإدخال تقنيات جديدة لإنتاج أفضل وأحسن، مع إدخال عنصر السقي الفلاحي الذي يعطي مردودية أكبر في الهكتار.
في موضوع تشجيع المهنيين على العمل بالطرق الحديثة وتطبيق التقنيات العصرية المستعملة في الدول المتطورة، أفاد الخبير أن الأمر مهم، لأن الدول المتطورة تعتمد عل الفلاحة الذكية المبنية على الاستشعار عن بعد وأيضا اليقظة الفلاحية.
واليوم لابد من تطبيق الأنظمة المعلوماتية الجغرافية والانترنت واستعمال الذكاء الاصطناعي ونظم التحاليل ومعالجة البيانات من أجل رفع كفاءة المزارع واعتماد الزراعة الذكية مناخيا «التي تراعي التغيرات المناخية»، مع فتح المجال أمام المهنيين في الشُّعب المختلفة للعب الدور الأكبر، لأن تطور الفلاحة مرهون بفتح المجال أمام المهنيين.
وعن قرار تشجيع وتثمين المبادرات ومكافأة النجاح في القطاع الزراعي، يرى المهندس أنه من الضروري المرور نحو هذه الخطوة، مضيفا أن الوقت حان لتثمين جهود المنتجين في الشعب وكذا تنظيم مسابقات وطنية في شعبة الحليب من خلال تكريم أحسن منتج على المستوى الوطني، في شعبة الحبوب أحسن منتج في الهكتار، الخضروات وتربية الأبقار، حيث تكون هذه المكافآت والنماذج مثالا يقتدى به ويتم تعميمها على مستوى الوطن، وأن يحصل الفائز على جرار كتكريم أو زيادة في الأراضي الفلاحية.
تقييم دقيق للقدرات الفلاحية
وبشأن تعزيز وسائل المراقبة الجوية وتوفير الطائرات بدون طيار، من أجل تقييم دقيق للقدرات الفلاحية، أشارت وزارة الفلاحة إلى إعادة عملية الإحصاء في قطاع الفلاحة، وهذه لا تتم في بعض المجالات، مثلا إحصاء ثروة الأغنام، حيث يمكن إحصاؤها بطائرة دون طيار، وكذلك للحصول على معلومات في إنتاج الحبوب لابد من استعمال هذه الطريقة، وكذا في مجال البحث عن المعلومة تستعمل التقنيات المعتمدة في الزراعة الذكية.
وفي مجال تشجيع البحث العلمي في ميدان الفلاحة، أشار المتحدث إلى المعاهد التقنية للبحث الموجودة في الجزائر وتعاني قلة الموارد البشرية والمادية، لأن الحديث عن تطوير الفلاحة، خاصة على ضوء الجفاف ونقص المياه يحتاج إلى تقنيات وإدخال أصناف جديدة من الخضروات والأشجار المثمرة التي تتلاءم والمناخ الجديد، لذلك يعتبر البحث العلمي وإنشاء مخابر لتحليل المواد الفلاحية المصدرة شيئا مهما وضروريا لدعم القطاع.
بخصوص تطوير إنتاج شجرة (الأرقان) في مناطق الجنوب الغربي والهضاب العليا الغربية، وتأسيس مركز وطني لتطوير زراعتها، قال الخبير ملحة إنه ليس مع هذا الطرح، لأن الأهمية يجب أن تعطى إلى شجرة الفستق، الخروب واللوز، لأنها تستورد بكميات كبيرة، وهي تتلاءم وبيئتنا المناخية، ولدينا تجارب حولها. في حين شجرة «الارقان» يوجد كمية ضئيلة منها، مؤكدا على التوجه لإنتاج الخروب، لأن القنطار الواحد تجاوز 25 ألف دينار وأصبح مصدر طلب عالميا.
وأشار الخبير في الختام، إلى نقطة مهمة في قرارات مجلس الوزراء، تتعلق بالانطلاق في إنجاز مصنع جديد لإنتاج الحليب بالعاصمة، بقدرة إنتاجية لا تقل عن مليون لتر، حيث وصف الأمر بالجيد لكن الأولى- بحسبه- أن يتم إنشاء مزارع كبيرة لتربية الأبقار بسعة 10 آلاف بقرة حلوب لتحقيق قدرة إنتاجية 50 لتر حليب في اليوم، وبهذه الطريقة يتم إنتاج الحليب، بقر صغير واللحوم وتقلل من فاتورة استيراد غبرة الحليب، وهذا يعتبر تحديا، خاصة وأن الجزائر تستورد سنويا مليار و500 مليون لدعم شعبة الحليب، لكن حان الوقت لتربية الأبقار، خاصة وأن بلادنا تمتلك المؤهلات لدعم هذه الشعبة.