أحزاب سياسية، نخب وجمعيات خرجت إلى الميدان للتحسيس بجدوى الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور وما يحمله من دلالة سياسية وقانونية تؤسس لحقبة جديدة تعالج اختلالات نظام سياسي ولدت اهتزازات وأزمات.
آخر الأزمات، انسداد سياسي، السنة الماضية، وما ولده من حراك شعبي انتفض على التردد، مطالبا بالتغيير الجذري والإصلاحات الشاملة لمختلف القطاعات، سامحة بالإقلاع وعدم السقوط في اليأس والإحباط في محيط جيو-سياسي سريع التحول لا يسمح بالمغامرة والبقاء على هامش الأحداث.
هذه انشغالات تضمنها خطاب سياسي طبع يوميات حملة انتخابية مستمرة تتقاسم فيها التشكيلات السياسية، النخب وممثلو المجتمع المدني الدور وتتوزع الوظيفة لغاية واحدة: إقناع المواطن بضرورة المشاركة في الاقتراع المصيري والتصويت على وثيقة مرجعية تضع أسس جزائر جديدة تواقة لتغيير فعلي يساعد على نهضة وتطور.
هذا التغيير تضمنته بنود تعديلات مشروع يراهن على ممارسة ديمقراطية فعالة تلعب فيها الطبقة السياسية دور النشيط، وتتنافس رؤى ومقاربات ضمن تعددية مناهج ومنطلقات بعيدا عن أحادية توجه كرّس انزلاقات وفوضى، وأبقى على علاقة بلاد بدساتير وُضعت على المقاس، نصوصها مطاطة طبقت حسب المزاج والمصالح والنفوذ.
من مختلف مواقع التواصل ومنابر اللقاءات والتجمعات، تقاطعت مواقف الطبقة السياسية وبرزت الحاجة الملحة لدستور جامع توافقي، منطلق حقبة سياسية جدية يجد فيها الكل، موالاة ومعارضة، مكانة للمساهمة في البناء وفق قاعدة الرأي والرأي المخالف.
إنها حقبة يدشنها دستور أجيال للجزائر الدائمة بعيدا عن المرحلية التي تُعمّر طويلا وتبقي على التعقيدات قائمة مؤجلة.
على هذا المنوال، تسير الحملة الانتخابية تحسبا للاستفتاء على تعديل الدستور، داعية إلى ثقافة مواطنة تعي دلالة التصويت على وثيقة تحمل في أحشائها مقترحات حلول لتعقيدات الراهن ومآلات الآتي، طارحة بدائل لمنظومة حكم وتسيير دواليب دولة وتوازن صلاحيات سلطات تعزز فاعلية أداء نظام سياسي تعددي تحكمه برامج ومشاريع، لا أهواء أشخاص وجماعات، وتحصنه من أي سقوط في مأزق سياسي أو اجتماعي اقتصادي مثلما عهدناه في تجارب مرة سابقة.
هي تجارب أحدث التعديل الدستوري قطيعة معها، مقترحا حلولا لمطالب الراهن وتحديات الآتي.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.