بالنظر إلى المسار التاريخي المشترك الذي يربط روسيا بأوكرانيا عوضا عن الحدود المشتركة، فإنه من دون شكّ انطلاقا من هذا الرصيد والماضي الذي يتقاسمانه، فإن موسكو لا ترضى أن يلحق بأوكرانيا أي أذى، لأن أي تهديدات ستمس الدولتين بشكل مباشر أو غير مباشر، غير أن ما يلفت انتباه روسيا ويحركها في الوقت الراهن مخاوف أمنية مشروعة، تتمثل في اقتراب الناتو من نطاق حدودها، بالرغم من أنها في كل مرة تحذر من حملات التضليل التي تقودها واشنطن والتي صوّرت خلال الأيام الماضية أن حربا شرسة ستندلع يوم 16 فيفري الجاري، وكانت موسكو قد علّقت باندهاش على كل ذلك بعبارة « أطلقوا أكذوبة ومن ثم صدقوها».
من المفروض في مثل هذه الأحداث وأمام الخلافات المتراكمة التي أفضت إلى منعرج خطير، ينبغي العودة للاحتكام إلى الاتفاقيات التي تحدّد التزامات كل دولة، وبالنسبة للوضع في المنطقة توجد اتفاقيات يمكن بالعودة إليها، التعجيل بتجاوز العديد من الخلافات واستبدال التصعيد والتوتر الذي لم تعد أوكرانيا وحدها طرفا فيه بل دخلت على الخط دولا بعيدة جغرافيا عن أوروبا، عبر الحوار والحلول المنطقية، لأن روسيا عازمة على التقدّم في خطتها لحماية حدودها مهما كلفها ذلك من تكلفة العقوبات الغربية، كونها منزعجة بشكل كبير مما تراه زحفا للناتو نحوها، وترى في نفس الوقت أن على الحلف الأطلسي أن يعود إلى ما كان عليه عام 1997، وتعتقد بخصوص حل الأزمة الأوكرانية أن الكرة في مرمى واشنطن.
روسيا تملك الخبرة والحنكة والقوة وبعد النظر، وينبغي أن تستغل كل ذلك بذكاء وحكمة لتجاوز أي مأزق، قد تجرّ إليه بفعل تسارع الأحداث وبروز مصالح أطراف ولاعبين أعينهم باتت منصبة على المنطقة، على اعتبار أن الجميع يعلم كيف تبدأ الحروب غير أنهم يجهلون كيف تنتهي، في وقت لم تبق أمريكا مكتوفة اليدين لأنها تحشد الجهود والامكانيات العسكرية، وفي كل مرة تكشف عن سيناريو جديد تدعي أن موسكو تحضر له، في وقت تتحمل فيه أوكرانيا الكثير من المسؤولية وهي مطالبة بالتحلي بالحكمة حتى لا تنساق بشكل أعمى إلى القرارات الغربية، علما أنها ستكون الخاسر الأول في حالة تلاشي الاستقرار.
موقع الشعب يستخدم نظام الكوكيز. استمرارك في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. تفضل بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط . موافق