لا نعرف ما قصد إدغار موران، أمس، بالتّغريدة التي ذهب فيها إلى أنّهم «حرّضوا أوكرانيا على الصّرامة، وهم يعلمون أنّهم سيتخلوّن عنها عسكريا في حالة الحرب».. قلنا، لا نعرف مقصده بالضبط، وهو المفكّر الألمعي الذي لم نعرف عنه سوى دقّة الرؤية، وحصافة النّظر؛ ذلك لأنّ العالم جميعا كان يعلم بأمر «التّحريض»، مثلما كان العالم جميعا يعلم بأنّهم (سيتخلّون)، فإذا كانت أوكرانيا وحدها (لا تعلم)، فاللّوم لا يقع على العالم، وإنّما يقع على أوكرانيا التي استجابت لـ»التحريض» وكانت صارمة في الاستجابة.
والحقّ أنّنا لا نحبّ الحروب، فهي تعصف بالحياة وتطفئ كلّ جميل على الأرض، غير أنّها، في لحظات مفصليّة من التاريخ، تصبح ضرورية للحياة، وهذه مفارقة نأمل أن يحرص ساكنة الكرة الأرضية أجمعين على عدم الوقوع فيها.
ويعلم كاتب السطور أنّه لا يمثل في هذه المعادلة برمّتها شيئا مذكورا، فهو مجرّد رقم بسيط قد يتحوّل إلى هباء مع أيّة مفارقة تتسلل إلى حياته رغما عن أنفه، تماما مثلما يعلم أنّ «كبار هذا العالم» لهم خياراتهم وقراءاتهم وحساباتهم التي لا توافق بالضرورة مبدأ «الحق في الحياة»، ولكنّه – على الأقلّ – يستفيد من كون السّلاح النّووي عامل توازن وليس عامل حرب، وبالتالي، يضمن أنّ «العلم» ليس مكسبا خالصا لموقف «فاوست (كما تصوّره غوته)، وهذا يمنحه بعض الأمل ويضفي على حياته شيئا من الألوان، في مقابل القنوط الرّمادي الذي يعتري إدغار موران، بحكم انتمائه إلى حاضنة (النّووي) المهيمن.
لا يمكن أن نطلب العدالة من الحرب، فهذه – كما يراها موران– إنما تصبح واقعا حين يفشل الإنسان في التّوصل إلى حلول لما هو من أساسيّات وجوده، ويبدو أنّ الإنسان يسير طوعا إلى الفشل، ويحرص عليه بـ(التحريض).. بل يحرّض عن علم سابق..